قالت الدكتورة ماريون ميسمر إن هذا الأسبوع يصادف الذكرى الثمانين للقصف النووي على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في نهاية الحرب العالمية الثانية، والذي نفذته الولايات المتحدة، وكان أول وآخر استخدام للأسلحة النووية في الحروب.
وفقًا لمصدر المقال في تشاتام هاوس، رغم مرور نحو قرن، يسهل نسيان التأثير المدمر لتلك الهجمات. تتراوح التقديرات بين 110,000 و210,000 شخص قُتلوا فورًا أو في الأيام التالية للقصف، بينما سويت مجتمعات كاملة بالأرض في ثوانٍ، وتوقفت أجهزة الطوارئ عن العمل، وتدمرت المستشفيات بالكامل. مات عشرات الآلاف لاحقًا بسبب أمراض ناتجة عن الإشعاع والسرطان.
عانى الناجون، أو ما يعرفون بـ"هيباكوشا"، من آثار نفسية واجتماعية دامت أجيالًا. تعرض كثيرون منهم للتمييز المجتمعي، وعانوا في العثور على وظائف أو شُركاء حياة، بسبب تشوهات جسدية أو الخوف من أمراض وراثية. تبقى اليابان الدولة الوحيدة التي درست بعمق التأثيرات طويلة المدى والمتعددة الأجيال للسلاح النووي.
تصاعد المخاطر النووية
رغم هذا الإرث المؤلم، ترتفع المخاطر النووية عالميًا اليوم. بعد الحرب الباردة، اعتُبرت الأسلحة النووية أدوات ردع سياسية فقط، وكان يُفترض أنها مدمرة أكثر من أن تُستخدم فعليًا. لكن هذا التوجه يتغير تدريجيًا.
بدأ بعض صناع السياسات والمخططين العسكريين يفكرون مجددًا بفكرة "حرب نووية محدودة" واستخدام "الأسلحة النووية التكتيكية"، وهي أسلحة أقل حجمًا يفترض أن تُستخدم ميدانيًا. إلا أن هذه التوصيفات مضللة، إذ تفوق قوة كثير من هذه الأسلحة التكتيكية القنابل التي أسقطت على اليابان. استخدامها قد يؤدي إلى سقوط أعداد هائلة من المدنيين، وأضرار إشعاعية طويلة الأمد، وتدهور سريع نحو تصعيد استراتيجي.
تغذي عوامل متعددة هذا التصاعد في المخاطر النووية. أطلقت موسكو تهديدات نووية متكررة منذ غزوها لأوكرانيا عام 2022، مما أدى إلى تآكل المحرمات التقليدية ضد الاستخدام النووي. دفع هذا النزاع دولًا أخرى لإعادة النظر في برامجها النووية، باعتبار السلاح النووي ضمانًا أخيرًا للأمن.
تحت ضغط الهجمات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة، هددت إيران بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، بينما تتزايد الدعوات داخليًا لتطوير برنامجها النووي. كوريا الشمالية تستمر بتوسيع ترسانتها النووية وتوطيد علاقتها مع روسيا. الهند وباكستان، الخصمان النوويان، يواصلان المواجهات الحدودية، ويعيشان توترًا دائمًا قابلًا للانفجار.
تآكل الأطر الدبلوماسية
في ظل هذا التصاعد، تواجه معاهدة عدم الانتشار النووي ضغوطًا غير مسبوقة. فقد تآكلت الثقة بين القوى الكبرى، وتوقفت الحوارات الثنائية والمتعددة الأطراف حول الحد من التسلح، وانسحبت دول عدة من معاهدات قائمة. أعضاء مجلس الأمن الدائمون، إلى جانب الهند وباكستان، يعكفون على تحديث وتوسيع ترساناتهم النووية، فيما توسع كوريا الشمالية بدورها ترسانتها.
تدفع هذه التوترات بعض الدول إلى مراجعة مواقفها النووية. السعودية، وكوريا الجنوبية، وبولندا بدأت تتحدث علنًا عن ضرورة امتلاك قدرات نووية بسبب تراجع الضمانات الأمنية الأمريكية. حتى في اليابان، الدولة التي تعارض التسلح النووي بشدة بفعل تجربتها المؤلمة، برزت دعوات لتطوير برنامج نووي، نتيجة للقلق من تنامي القوة النووية الصينية.
التقدم التكنولوجي يزيد من هذه المخاطر. يُستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في اتخاذ قرارات حساسة، وتكتسب المنصات الفضائية أهمية استراتيجية كبرى. هذه التحولات قد تقلل الوقت المتاح أمام القادة لاتخاذ قرارات مصيرية، وتزيد احتمال وقوع أخطاء أو تصعيد غير مقصود.
لا حلول سحرية... ولكن هناك أدوات معروفة
رغم خطورة الوضع، توجد أدوات معروفة للحد من هذه المخاطر. منذ عام 2017، طرح العديد من المقترحات في إطار مراجعة معاهدة عدم الانتشار تتعلق بالحد من المخاطر. يمكن تحديث بعض تدابير بناء الثقة وتخفيض المخاطر التي استُخدمت خلال الحرب الباردة، وإعادة تفعيلها.
إن لم تُتخذ خطوات جادة اليوم، فالعالم قد يواجه خطر تكرار كوارث مدمرة كتلك التي وقعت في هيروشيما وناجازاكي، ولكن على نطاق أوسع، وفي عصر أكثر هشاشة وسرعة.
https://www.chathamhouse.org/2025/08/eighty-years-hiroshima-and-nagasaki-world-should-not-forget-devastation-wrought-nuclear